ربما يرى البعض الحديث عن مجموعة " إزنزارن" أشبه بالعودة إلى المتحف والبحث عن قطعة أثرية قديمة بهدف إعادة الاعتبار إليها وتسليط الأضواء عليها. غير أن الأمر عكس ذلك فالمجموعة شكلت أول مدرسة ظهرت في صنف المجموعات الغنائية الأمازيغية العصرية. وأطلق عليها اسم مدرسة تازنزارت نسبة إلى اسمها " إزنزارن " ( الأستاذ عبد الله أشملي ). هذا من جهة ومن أخرى فالربرتوار الغنائي الذي خلفته هذه المجموعة الحية الميتة – ميتة من ناحية المواكبة الإعلامية لها، وحية من ناحية أدائها وجمهورها ومحبيها- دفع ثلة من الباحثين إلى البحث والنبش في تاريخ هذه المجموعة ومسارها وتطوراتها و... .غير أن الأمر ليس بالسهل إذ يستلزم التحري والبحث عن مصادر متعددة للمعلومة الواحدة بغية تلافي الأحكام المسبقة التي تكون بسبب فردية المصدر أو أحاديته، خاصة ونحن نكتب عن تاريخ غير موثق وأكثر من ذلك سيكون ما كتبناه مصادر ومراجع للأجيال القادمة.
هذا المنزلق هو ما وقع فيه الأستاذ محمد بلوش في مقال بهذه الصفحة أي الثقافية في العدد 292 بتاريخ 27 غشت 2007 والمقال يحمل عنوان ’’ نبش في تاريخ وبدايات أشهر مجموعة غنائية أمازيغية ‘‘ والذي يتضمن جملة من الأحكام والوقائع هنا فيه للحقيقة. فمنذ مطلع المقال نجد الأستاذ يقول بأن " نصيب عبد الهادي ومجموعته من الشهرة أكبر بكثير من نصيب الشامخ " وكأنه يرى أن حق الفنان عبد العزيز الشامخ مهضوم ومنزلته تجوهلت ، بيد أن التساؤل حول أسباب تلك الشهرة والبحث وراء دواعيها يفضي إلى القول أنه بعد الانشقاق رحل عبد العزيز إلى الرباط والبيضاء و ... ثم في مرحلة لاحقة إلى الخارج، في حين بقي إيكوت عبد الهادي في المنطقة منتقلا بين الدشيرة و الجرف و إنزكان و أيت ملول والنواحي ...
إن حديث الباحث عن " جيل سيدي المكي " كمجموعة بمواصفات المجموعات أمر صعب شيئا إذا إنها ليت سوى تجربة أولية لبعض العناصر ومرحلة انتقالية من " لقدام " إلى " إزنزارن " لعناصر أخرى كعبد العزيز الشامخ . وأكثر من هذه فمجموعة جيل سيدي المكي كانت تؤدي أغانيها بالعربية والأمازيغية معا. أما في علاقة مجموعة لقدام بمجموعة إزنزارن فبالفعل كانت لقدام هي المؤسسة لنمط المجموعات غير أن الكاتب أخطأ خطأ فادحا حين نسب أغنية " إمي حنا " إلى مجموعة لقدام، فهذه الأغنية من كلمات الأسطورة محمد الحنفي ولحن وغناء مجموعة إزنزارن وليس لقدام.
"ربما كان التعطف المطلق، اللامشروط أو اللامحدود مع إيكوت عبد الهادي وراء كتابات وشهادات كلها تفضل عدم النبش في التاريخ الموضوعي للنشأة..." هكذا يبدأ الكاتب إحدى فقرات مقالته متناسيا أن المرجع الوحيد للمعلومات التي يقدمها هو حوار القناة الفرنسية مع الأسطورة عبد العزيز الشامخ وهذا يزكي أحادية الطرح بل ويتنافى مع النبش في التاريخ والموضوعية التي يتحدث عنها الكاتب.
أما الحديث عن تنحية وإقصاء أسماء ك " الداعلي باسوس " فهذا ليس بالأمر الغريب ما دامت المجموعة كلها مقصية. وأكثر من هذا نسائل الكاتب ومعه المهتمين من منهم يعرف "محمد بزيكا" الذي يعتبر بمثابة المرشد لهذه المجموعة إن صح التعبير، وأيضا من يتذكر الحاج محمد أو "بيسوفوسن" كما يلقب وهو الذي أطلق اسم إزنزارن على المجموعة بشاطئ تامراغت.
إن ما كتبه صديقنا سعيد أزروال على أعمدة جريدة رسالة الأمة بتاريخ 26 أبريل 2007 تحت عنوان "إيموريكن أول تجربة للمجموعات في تاريخ المغرب" حيث يؤكد أن أول نمط فني على شكل المجموعات الغنائية العصرية في المغرب لم يكن إلا تطويرا لتقليد غنائي أمازيغي معروف منذ الحاج بلعيد. لكن الأستاذ سعيد لم يفصل في ماهية التطوير الذي يشمل الشكل والمضمون: فمن الناحية الشكلية نجد محاولات توحيد زي أفراد المجموعة وتبادل الأدوار في الغناء بين أفراد المجموعة التقليدية. أما من جانب المضمون فالمواضيع المتداولة تجاوزت المدح والرومانسية إلى جوانب سياسية واجتماعية وإنسانية... كما تم إدخال آلات عصرية غير محلية مثل البانـجو والسنتير و...
إنها مجرد هفوات قد تعترض طريق كل من يحاول النبش عن الحقيقة التي لا بد وأن يصل إليها. غير أن الأهم من هذا وذاك هو ماذا قدمنا كدولة وكجمعيات مجتمع مدني وكفعاليات غيورة على الفن وعلى الفنانين لهذه المجموعة ولأفرادها ، هذه الأخيرة التي غنت للأمازيغي والمغربي بل للإنسان عامة حاملة همومه متحدثة باسمه في روائع (إمي حنا، تخيرا، طبلا، تيدوكلا، تكنداوت، ... ) يستحيل أن تنسى، قائلة كلاما أكبر من سنها في عصر فضل فيه الكل السكوت. مجموعة تضم الأسطورة محمد الحنفي وعمالقة في الإيقاع بدءا بإيكوت عبد الهادي في البانجو مرورا بالأخوين محمد وعبد العزيز الشامخ وصولا إلى لحسن بوفرتل دون أن ننسى مصطفى الشاطر ومولاي إبراهيم ...
حقيقة الأمر أن أصحاب الضمائر الحية والمهتمين أن يلتفتوا التفاتة بسيطة إلى أفراد هذه المجموعة لرد القليل من الاعتبار لمن جعلوا شعارهم "
نـكي شـهـوان حودحـتـن أور مـقـورنـت
واقنع أور أح إيترجو الغرض لموحالات
موضوع: مدرسة ازنزارن وقفات مع التاريخ لا مع الافراد......... 
الثلاثاء فبراير 05, 2008 5:05 am
